بروفايل : اول الغيث القائدة خديجة غياث …………..

– د- محمد دخاي: 

في لحظة فارقة أطلت علينا كالغيث، اكشتفنا معها اننا كنا في حاجة اليها كل هذه السنوات. بعدما خرجت بعليائها وشموخها، المترنم بحقيقة إعادة رد الاعتبار للفضاء العام، لتتوغل من خلالها في الجغرافيا السرية لأحياء  مدينة بنكرير ، فوقفت موقف الشجاع مع الحق وموقف الحر من القيد بعدما مدت يدها للجميع ، لان الكريم في قلبه ومشاعره كريم في يده أيضا….

لم نلتق الا مرة واحدة، كان اللقاء الأول مع السيد خديجة عبرا جدا  ،  ادركت معه  ان للسيدة  رؤية  المثقف الذي يقرأ تفاصيل الأشياء الصغيرة . كما ادركت ايضا  انني امام صرح يحمل كل معاني التجريب والحكمة. وان الحضور الرمزي لهذه السيدة  كان حاسما في زمن إعادة الروح للمدينة ولأناسها، وذلك بحثا عن معنى مفتقد لحياة جميلة انشرخت تحت وطأة  العشوائية والهشاشة والسقوط والانكسارات التي طوحت بأحلام البشر وامالهم لما بعد فترة كوفيد التاسع عشر ..

لازالت الذاكرة تحتفظ بأناس مروا من المكان ، جربنا معهم بلاغة الصداقة والاخوة الصادقة من مثل القائد السعداوي والقائد بن عبد الرحمان، والقائد ادريس والقائد فيصل، والقائدة خديجة مرسلي،  واخرين ، جلسات لن تسنى ابدا، أعدنا من خلالها صياغة معاني الروح المثقلة بحب هذا الوطن، عرفوا من خلالها  كيف يخترقون  بنفاذ بصيرتهم الجوار واللب لا القشور، بل كانوا فيها نماذج للشفافية ووشما لن تمحوه الأيام والاحداث والمسرات والمحن أيضا …

تمر سنة 2024 كالطيف، لن نكون فيها جاحدين للمقاييس والقيم، بعد ما صار مقياس العيش الكريم  في هذا الوطن   الجميل اعادة الروح  للكائن البشرية  اولا واخيرا  وراسمالنا الرمزي  هو كينونتنا  الضاربة في التاريخ ضدا على كتائب الإعدام المنتشرين في كل مكان، لنقول  بصوت واحد بان السيدة خديجة غياث  كانت رمزا  وشخصية السنة بامتياز ، وهي تعيد فتح شوارع المدينة على واجهة إعادة الحق اليها، بعدما اشتد الحصار على المواطنين  هذه السنوات وهم يعتقدون ان السطو على الملك العام  كان هو القاعدة، بل بينت للجميع ان الاساس في  رد الاعتبار للوطن وللموطن هو ان الجولان والسير بأمان حقيقة مطلقة وليس نسبية وان الاستثناء لا يمكن ابدا ان يكون قاعدة …..

كنت دائما مؤمنا بان هذا الوطن كبيرا بأبنائه البررة، والسيدة خديجة غياث واحدة من فلتات هذا الزمن ممن فتحوا قلبوهم للجميع ،بأناقتها وابتسامتها وثقافتها وحكمتها وحكامتها وصرامتها ايضا  في استعادة بناء صورة جميلة للمدينة وللناس معا ، لان التاريخ يكتبه المثقفون والمبدعون والمفكرون، تاريخ وطن يشهد العالم على نهوضه الجميل، في وقت يعيش فيه الاخرون من بلاد الدنيا في اوطان مسروقة واعمار مفجوعة بلا أحلام ولا أولاد، حفروا معها قبورا لكل احلامهم المؤجلة ….

سيدتي الفاضلة كل الاحترام والتقدير وقديما قيل أول الغيث قطرة ونحن نقول:  أول الغيث القائدة خديجة غياث…..

باحث اكاديمي – مختبر التواصل والاعلام وتحليل الخطاب 

Share
  • Link copied
المقال التالي